الاقتصادية الإسلامية في حقيقتها الموضوعية
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الاقتصادية الإسلامية في حقيقتها الموضوعية
الاقتصادية الإسلامية في حقيقتها الموضوعية
هل من وجود لـ"اقتصاد- سياسي إسلامي"، أو لنظرية اقتصادية إسلامية
يمكن أن تُتَرْجَم عملياً وواقعياً "الآن"، أي في مستهل القرن الحادي والعشرين، بما يسمح بقيام "نظام اقتصادي- اجتماعي" مختلف نوعياً عن "الرأسمالية" و"الاشتراكية"؟
القائلون بوجود نظام اقتصادي إسلامي صرف اغتنموا نشوب الأزمة المالية والاقتصادية للنظام الرأسمالي العالمي، وانهيار وإفلاس "التجربة الاشتراكية السوفياتية" من قبل، لإثبات وتأكيد أهمية وضرورة الإسراع في "أسلمة" حياتنا الاقتصادية بأوجهها كافة.
أوَّلاً، لا شكَّ في أنَّ الإسلام، عند ظهوره، قد أجاب، أو سعى في إجابة، أسئلة اقتصادية، وأسَّس لحياة اقتصادية مستوفية لشروط دينية، وتقوم على ما هو "حلال" من الوجهة الدينية الإسلامية، وتنبذ وتجتنب ما هو "حرام".
إنَّنا جميعاً نعرف الآن ماهية النظام الرأسمالي، في الاقتصاد، وخواصه وسماته الجوهرية والأساسية التي تميِّزه من غيره من الأنظمة الاقتصادية، وتجعله، بالتالي، مختلفاً في النوع.
ونعرف، أيضاً، أنَّ الرأسمالية مهما اختلفت وتطوَّرت وتغيَّرت تظلُّ ثابتةً لجهة أسسها وخواصها الجوهرية.
إنَّ العصور الاقتصادية لا تختلف وتتغاير وتتمايز في "المنتوج"، أي في ما ينتجه البشر من أشياء لتلبية حاجاتهم، مع أنَّ كثيراً من الأشياء "أو البضائع" التي أنتجها، وينتجها، البشر في النظام الاقتصادي الرأسمالي لم يكن لها من وجود من قبل، أي في الأنظمة الاقتصادية التي عرفها البشر قبل ظهور النظام الرأسمالي.
البشر في كل عصورهم الاقتصادية كانوا ينتجون القمح مثلاً؛ ولكن المنتوج في حدِّ ذاته ليس بالشيء الذي من خلاله نميِّز عصراً من عصر، أو نظاماً من نظام، فـ"سؤال التمييز" ليس "ماذا نُنْتِج؟"، وإنما "كيف نُنْتِج؟".
و"كيف" إنَّما هي "كيف الاجتماعية- التاريخية"، فالبشر لن يؤسِّسوا "عِلْماً" لحياتهم الاقتصادية إذا ما استنفدوا جهدهم ووقتهم في التوصُّل إلى اكتشاف من قبيل أنَّهم ينتجون القمح والذهب.. فالاكتشاف العلمي الحقيقي هو أن يكتشفوا ماهية وخواص "العلاقة الاجتماعية" التي فيها، ومن خلالها، ينتجون القمح والذهب..
البشر قبل، ومن أجل، أن ينتجوا القمح والذهب.. لا بدَّ لهم من أن ينتجوا علاقة اجتماعية، أي علاقة بينهم في أثناء الإنتاج، ينتجون فيها، ومن خلالها، القمح والذهب..
إنَّهم ينتجون تلك العلاقة؛ ولكنَّهم لا ينتجونها إلاَّ بما يلبِّي "شرطاً موضوعيا" هو "التوافق الضروري بين العلاقة الاجتماعية للمنتجين وبين درجة أو مستوى تطوُّر الوسائل المادية التي يستعملونها في إنتاج القمح والذهب..".
والعلاقة الاجتماعية في الإنتاج إنما هي، من حيث الجوهر والأساس، علاقة بين فئات اجتماعية، أي بين طبقات، فسؤال "مَنْ يملك تلك الوسائل؟" هو السؤال الذي في إجابته نميِّز فئة من فئة.
لقد ظهرت في ربع الساعة الأخير من حياة النظام الإقطاعي في أوروبا وسائل جديدة للإنتاج ما كان ممكناً استخدامها إلاَّ في نمط اقتصادي جديد هو النمط الرأسمالي.
من حيث الجوهر والأساس ليس من فرق يُذْكَر بين "كيف الرأسمالية" و"كيف الإسلامية" في إنتاج البشر للقمح والذهب.. و"كيف الإسلامية" ليست في حقيقتها الموضوعية سوى "أسلمة للرأسمالية نفسها"، أي إلباسها لبوساً إسلامياً فحسب.
إنَّ "المصنع الإسلامي" هو ذاته "المصنع الرأسمالي"، فالرأسمالي "المسلم أو المسيحي.. الشرقي أو الغربي" هو الذي يملك الآلات والمواد الأولية والوقود والبناء.. والعامل، الذي لا يملك غير قوَّة عمله، هو الذي يستخدم تلك الوسائل. الرأسمالي "وقبل، ومن أجل، أن يصبح رأسمالياً حقيقياً" يملك أوَّلاً "النقود "ذهبية كانت أم ورقية""، فيذهب إلى السوق ليشتري بها بضائع هي الآلات والمواد الأولية والوقود.. ثمَّ يأتي بالعامل "المضطَّر إلى بيع قوة عمله؛ لأنَّه لا يملك غيرها" ليتفاعل مع تلك الوسائل بما يؤدِّي، في آخر المطاف، إلى إنتاج كمية من بضاعة ما، فيبيعها صاحب المصنع للتاجر، فيستعيد "النقود" التي أنفقها "في شراء بضائع الإنتاج" مع زيادة في مقدارها.
بعضٌ من هذه الزيادة يذهب إلى العامل "الأجر" وبعضٌ يذهب إلى صاحب المصنع "الربح".
هذا المصنع يظلُّ رأسمالياً من حيث الجوهر والأساس مهما حاولنا "أسلمته"؛ و"العدالة "الاقتصادية" الإسلامية" لن تختلف هي أيضاً، من حيث الجوهر والأساس عن "العدالة "الاقتصادية" الرأسمالية".
"الاختلاف"، إذا ما افترضنا أنَّه "اختلاف"، قد نراه في أشياء من قبيل "الضريبة"، و"المنتوجات" في ميزان الحلال والحرام كإنتاج الخمور، و"أخلاق العمل والاستثمار" كالرفق بالعمال وإحسان معاملتهم، و"المواضع الاقتصادية" التي لا يحق للفرد تملكها كالمناجم.
ونحن لو كنَّا في العصر الاقتصادي الإقطاعي لرأينا المنادين بـ"النظام الاقتصادي الإسلامي" يسعون في "أسلمة" النظام الإقطاعي، أي في إلباسه لبوساً إسلامياً من الوجهة الأخلاقية الدينية في المقام الأول، وكأنَّ "النظام الاقتصادي الإسلامي" هو "الأسلمة "الأخلاقية في المقام الأول" لكل نظام اقتصادي يقوم، في جوهره، على ملكية الفرد، أو الأفراد، للوسائل المستخدمة في إنتاج المنتوجات".
وفي الغرب، رأينا كثيراً من تلك "الأسلمة" للنظام الاقتصادي الرأسمالي، فـ"رأسمالية الدولة" يمكن أن تتسع وجوداً ونفوذاً؛ لأنَّ بعضاً من أوجه الحياة الاقتصادية للمجتمع لا يمكن، لأسباب موضوعية، أن يكون على هيئة الاستثمار الرأسمالي الذي يخصُّ فرداً، أو أفراد.
و"الوحشية الرأسمالية" يمكن أن توازنها الدولة والمجتمع هناك بشيء من "الأنسنة"، كما يمكن أن يتمتَّع العمال بمزيدٍ من العدالة الاقتصادية التي مهما ارتفع منسوبها تظل عدالة رأسمالية من حيث الجوهر والأساس.
الفرق الأساسي والجوهري بين "النظام الاقتصادي الإسلامي" و"النظام الاقتصادي الرأسمالي" إنَّما يكمن في الموقف من ظاهرة "الربا". وهذا الفرق يكفي أن يظل في الحفظ والصون حتى تغدو كل محاولة لـ"أسلمة الرأسمالية" كمحاولة تربيع دائرة.
"الربا" إنَّما هو ظاهرة اقتصادية- اجتماعية- تاريخية، التصقت على وجه الخصوص باليهود من ذوى الثروات النقدية، فـ"المستثمر اليهودي" كان يخشى تملُّك "الأموال الثابتة"، ويفضِّل الاتِّجار بالمال على ما عداه من نشاط اقتصادي.
ونحن لا يمكننا فهم تحريم الإسلام لـ"الربا" إذا ما ضربنا صفحاً عن الظاهرة "ظاهرة "الربا"" في واقعها الاجتماعي- التاريخي الملموس، فالظاهرة كانت أن يُقْرِض صاحب المال مالاً "لم يكن من ورق" لِمَنْ يحتاج إليه احتياجاً شخصياً "للمأكل مثلاً" أو احتياجاً تجارياً "أو استثمارياً" على أن يعود القرض إلى صاحبه في أجلٍ متَّفق عليه، مع فائدة "ربوية".
وتحريم الإسلام لـ"الربا"، في معناه الواقعي هذا، حَمَل أصحاب الثروات النقدية من المسلمين، أو ممن اعتنقوا الإسلام، على استثمار ثرواتهم النقدية، مباشَرةً، في التجارة، وفي غيرها من أوجه الاستثمار الاقتصادي، فانتفى "الرأسمال الربوي الطفيلي الكريه".
على أنَّ تحريم "الربا" أنتج، مع اتساع النشاط التجاري "وغير التجاري" للتجار المسلمين ظاهرة "المال المجمَّد، أو غير المستثمر، إلى حين"، فالتاجر يبيع بضائعه تدريجاً، ويستعيد، بالتالي، ماله تدريجاً. وهذا التدرُّج في استعادته ماله المستثمر في التجارة يُنْتِج دائماً ظاهرة "المال المجمَّد إلى حين".
وفي "النظام الاقتصادي الرأسمالي"، الذي يمكن أن يقبل "الأسلمة" إذا ما كانت إبقاءً على جوهره وأساسه، ما عاد ممكناً "تجميد المال" من غير أن يؤدِّي هذا "التجميد" إلى "تبخُّر" أسس النظام الرأسمالي ذاتها، فـ"الفوائض النقدية المؤقَّتة" نمت من الوجهة الكمية حتى أنتجت فرقاً، أو تغييراً، نوعياً، هو "النشاط المصرفي".
إنَّ قانون البقاء الرأسمالي يحظر الآن ظاهرة "تجميد الفوائض النقدية المؤقتة"، فهذه الفوائض يجب أن تنتقل، في استمرار، إلى المصارف على هيئة ودائع، وأن تتولَّى المصارف، من ثمَّ، استثمارها في الاقتصاد استثماراً ربوياً، فصاحب المصرف وصاحب الوديعة يقتسمان "الربح المالي" المتأتي من القرض، أو الدين. المال المُقْتَرَض يعود إلى المصرف وقد نما؛ وهذا "الفرق المالي" يذهب جزء منه إلى صاحب المصرف، والجزء الآخر إلى صاحب الوديعة، أي الشخص المُقْرِض للمصرف.
"الربا" إنَّما هو المال "من ذهب كان أم من ورق" الذي ينمو بمنأى عن العلاقة "مال- بضاعة- مال"، أي الذي ينمو من غير أن أحوِّله أنا نفسي "عبر الشراء" إلى بضائع للبيع في التجارة، أو للاستهلاك الإنتاجي في الصناعة والزراعة.
هذا "الربا" هو جوهر النشاط المصرفي الرأسمالي؛ وليس من نشاط مصرفي إسلامي يمكن أن يختلف من حيث الجوهر، وفي مستهل القرن الحادي والعشرين على وجه الخصوص، عن النشاط المصرفي الرأسمالي.
إنَّ "النظام الاقتصادي الإسلامي" هو لبوس أخلاقي ديني يمكن أن يلبسه كل نظام اقتصادي يقوم على الملكية الخاصة لوسائل إنتاج المنتوجات.
هل من وجود لـ"اقتصاد- سياسي إسلامي"، أو لنظرية اقتصادية إسلامية
يمكن أن تُتَرْجَم عملياً وواقعياً "الآن"، أي في مستهل القرن الحادي والعشرين، بما يسمح بقيام "نظام اقتصادي- اجتماعي" مختلف نوعياً عن "الرأسمالية" و"الاشتراكية"؟
القائلون بوجود نظام اقتصادي إسلامي صرف اغتنموا نشوب الأزمة المالية والاقتصادية للنظام الرأسمالي العالمي، وانهيار وإفلاس "التجربة الاشتراكية السوفياتية" من قبل، لإثبات وتأكيد أهمية وضرورة الإسراع في "أسلمة" حياتنا الاقتصادية بأوجهها كافة.
أوَّلاً، لا شكَّ في أنَّ الإسلام، عند ظهوره، قد أجاب، أو سعى في إجابة، أسئلة اقتصادية، وأسَّس لحياة اقتصادية مستوفية لشروط دينية، وتقوم على ما هو "حلال" من الوجهة الدينية الإسلامية، وتنبذ وتجتنب ما هو "حرام".
إنَّنا جميعاً نعرف الآن ماهية النظام الرأسمالي، في الاقتصاد، وخواصه وسماته الجوهرية والأساسية التي تميِّزه من غيره من الأنظمة الاقتصادية، وتجعله، بالتالي، مختلفاً في النوع.
ونعرف، أيضاً، أنَّ الرأسمالية مهما اختلفت وتطوَّرت وتغيَّرت تظلُّ ثابتةً لجهة أسسها وخواصها الجوهرية.
إنَّ العصور الاقتصادية لا تختلف وتتغاير وتتمايز في "المنتوج"، أي في ما ينتجه البشر من أشياء لتلبية حاجاتهم، مع أنَّ كثيراً من الأشياء "أو البضائع" التي أنتجها، وينتجها، البشر في النظام الاقتصادي الرأسمالي لم يكن لها من وجود من قبل، أي في الأنظمة الاقتصادية التي عرفها البشر قبل ظهور النظام الرأسمالي.
البشر في كل عصورهم الاقتصادية كانوا ينتجون القمح مثلاً؛ ولكن المنتوج في حدِّ ذاته ليس بالشيء الذي من خلاله نميِّز عصراً من عصر، أو نظاماً من نظام، فـ"سؤال التمييز" ليس "ماذا نُنْتِج؟"، وإنما "كيف نُنْتِج؟".
و"كيف" إنَّما هي "كيف الاجتماعية- التاريخية"، فالبشر لن يؤسِّسوا "عِلْماً" لحياتهم الاقتصادية إذا ما استنفدوا جهدهم ووقتهم في التوصُّل إلى اكتشاف من قبيل أنَّهم ينتجون القمح والذهب.. فالاكتشاف العلمي الحقيقي هو أن يكتشفوا ماهية وخواص "العلاقة الاجتماعية" التي فيها، ومن خلالها، ينتجون القمح والذهب..
البشر قبل، ومن أجل، أن ينتجوا القمح والذهب.. لا بدَّ لهم من أن ينتجوا علاقة اجتماعية، أي علاقة بينهم في أثناء الإنتاج، ينتجون فيها، ومن خلالها، القمح والذهب..
إنَّهم ينتجون تلك العلاقة؛ ولكنَّهم لا ينتجونها إلاَّ بما يلبِّي "شرطاً موضوعيا" هو "التوافق الضروري بين العلاقة الاجتماعية للمنتجين وبين درجة أو مستوى تطوُّر الوسائل المادية التي يستعملونها في إنتاج القمح والذهب..".
والعلاقة الاجتماعية في الإنتاج إنما هي، من حيث الجوهر والأساس، علاقة بين فئات اجتماعية، أي بين طبقات، فسؤال "مَنْ يملك تلك الوسائل؟" هو السؤال الذي في إجابته نميِّز فئة من فئة.
لقد ظهرت في ربع الساعة الأخير من حياة النظام الإقطاعي في أوروبا وسائل جديدة للإنتاج ما كان ممكناً استخدامها إلاَّ في نمط اقتصادي جديد هو النمط الرأسمالي.
من حيث الجوهر والأساس ليس من فرق يُذْكَر بين "كيف الرأسمالية" و"كيف الإسلامية" في إنتاج البشر للقمح والذهب.. و"كيف الإسلامية" ليست في حقيقتها الموضوعية سوى "أسلمة للرأسمالية نفسها"، أي إلباسها لبوساً إسلامياً فحسب.
إنَّ "المصنع الإسلامي" هو ذاته "المصنع الرأسمالي"، فالرأسمالي "المسلم أو المسيحي.. الشرقي أو الغربي" هو الذي يملك الآلات والمواد الأولية والوقود والبناء.. والعامل، الذي لا يملك غير قوَّة عمله، هو الذي يستخدم تلك الوسائل. الرأسمالي "وقبل، ومن أجل، أن يصبح رأسمالياً حقيقياً" يملك أوَّلاً "النقود "ذهبية كانت أم ورقية""، فيذهب إلى السوق ليشتري بها بضائع هي الآلات والمواد الأولية والوقود.. ثمَّ يأتي بالعامل "المضطَّر إلى بيع قوة عمله؛ لأنَّه لا يملك غيرها" ليتفاعل مع تلك الوسائل بما يؤدِّي، في آخر المطاف، إلى إنتاج كمية من بضاعة ما، فيبيعها صاحب المصنع للتاجر، فيستعيد "النقود" التي أنفقها "في شراء بضائع الإنتاج" مع زيادة في مقدارها.
بعضٌ من هذه الزيادة يذهب إلى العامل "الأجر" وبعضٌ يذهب إلى صاحب المصنع "الربح".
هذا المصنع يظلُّ رأسمالياً من حيث الجوهر والأساس مهما حاولنا "أسلمته"؛ و"العدالة "الاقتصادية" الإسلامية" لن تختلف هي أيضاً، من حيث الجوهر والأساس عن "العدالة "الاقتصادية" الرأسمالية".
"الاختلاف"، إذا ما افترضنا أنَّه "اختلاف"، قد نراه في أشياء من قبيل "الضريبة"، و"المنتوجات" في ميزان الحلال والحرام كإنتاج الخمور، و"أخلاق العمل والاستثمار" كالرفق بالعمال وإحسان معاملتهم، و"المواضع الاقتصادية" التي لا يحق للفرد تملكها كالمناجم.
ونحن لو كنَّا في العصر الاقتصادي الإقطاعي لرأينا المنادين بـ"النظام الاقتصادي الإسلامي" يسعون في "أسلمة" النظام الإقطاعي، أي في إلباسه لبوساً إسلامياً من الوجهة الأخلاقية الدينية في المقام الأول، وكأنَّ "النظام الاقتصادي الإسلامي" هو "الأسلمة "الأخلاقية في المقام الأول" لكل نظام اقتصادي يقوم، في جوهره، على ملكية الفرد، أو الأفراد، للوسائل المستخدمة في إنتاج المنتوجات".
وفي الغرب، رأينا كثيراً من تلك "الأسلمة" للنظام الاقتصادي الرأسمالي، فـ"رأسمالية الدولة" يمكن أن تتسع وجوداً ونفوذاً؛ لأنَّ بعضاً من أوجه الحياة الاقتصادية للمجتمع لا يمكن، لأسباب موضوعية، أن يكون على هيئة الاستثمار الرأسمالي الذي يخصُّ فرداً، أو أفراد.
و"الوحشية الرأسمالية" يمكن أن توازنها الدولة والمجتمع هناك بشيء من "الأنسنة"، كما يمكن أن يتمتَّع العمال بمزيدٍ من العدالة الاقتصادية التي مهما ارتفع منسوبها تظل عدالة رأسمالية من حيث الجوهر والأساس.
الفرق الأساسي والجوهري بين "النظام الاقتصادي الإسلامي" و"النظام الاقتصادي الرأسمالي" إنَّما يكمن في الموقف من ظاهرة "الربا". وهذا الفرق يكفي أن يظل في الحفظ والصون حتى تغدو كل محاولة لـ"أسلمة الرأسمالية" كمحاولة تربيع دائرة.
"الربا" إنَّما هو ظاهرة اقتصادية- اجتماعية- تاريخية، التصقت على وجه الخصوص باليهود من ذوى الثروات النقدية، فـ"المستثمر اليهودي" كان يخشى تملُّك "الأموال الثابتة"، ويفضِّل الاتِّجار بالمال على ما عداه من نشاط اقتصادي.
ونحن لا يمكننا فهم تحريم الإسلام لـ"الربا" إذا ما ضربنا صفحاً عن الظاهرة "ظاهرة "الربا"" في واقعها الاجتماعي- التاريخي الملموس، فالظاهرة كانت أن يُقْرِض صاحب المال مالاً "لم يكن من ورق" لِمَنْ يحتاج إليه احتياجاً شخصياً "للمأكل مثلاً" أو احتياجاً تجارياً "أو استثمارياً" على أن يعود القرض إلى صاحبه في أجلٍ متَّفق عليه، مع فائدة "ربوية".
وتحريم الإسلام لـ"الربا"، في معناه الواقعي هذا، حَمَل أصحاب الثروات النقدية من المسلمين، أو ممن اعتنقوا الإسلام، على استثمار ثرواتهم النقدية، مباشَرةً، في التجارة، وفي غيرها من أوجه الاستثمار الاقتصادي، فانتفى "الرأسمال الربوي الطفيلي الكريه".
على أنَّ تحريم "الربا" أنتج، مع اتساع النشاط التجاري "وغير التجاري" للتجار المسلمين ظاهرة "المال المجمَّد، أو غير المستثمر، إلى حين"، فالتاجر يبيع بضائعه تدريجاً، ويستعيد، بالتالي، ماله تدريجاً. وهذا التدرُّج في استعادته ماله المستثمر في التجارة يُنْتِج دائماً ظاهرة "المال المجمَّد إلى حين".
وفي "النظام الاقتصادي الرأسمالي"، الذي يمكن أن يقبل "الأسلمة" إذا ما كانت إبقاءً على جوهره وأساسه، ما عاد ممكناً "تجميد المال" من غير أن يؤدِّي هذا "التجميد" إلى "تبخُّر" أسس النظام الرأسمالي ذاتها، فـ"الفوائض النقدية المؤقَّتة" نمت من الوجهة الكمية حتى أنتجت فرقاً، أو تغييراً، نوعياً، هو "النشاط المصرفي".
إنَّ قانون البقاء الرأسمالي يحظر الآن ظاهرة "تجميد الفوائض النقدية المؤقتة"، فهذه الفوائض يجب أن تنتقل، في استمرار، إلى المصارف على هيئة ودائع، وأن تتولَّى المصارف، من ثمَّ، استثمارها في الاقتصاد استثماراً ربوياً، فصاحب المصرف وصاحب الوديعة يقتسمان "الربح المالي" المتأتي من القرض، أو الدين. المال المُقْتَرَض يعود إلى المصرف وقد نما؛ وهذا "الفرق المالي" يذهب جزء منه إلى صاحب المصرف، والجزء الآخر إلى صاحب الوديعة، أي الشخص المُقْرِض للمصرف.
"الربا" إنَّما هو المال "من ذهب كان أم من ورق" الذي ينمو بمنأى عن العلاقة "مال- بضاعة- مال"، أي الذي ينمو من غير أن أحوِّله أنا نفسي "عبر الشراء" إلى بضائع للبيع في التجارة، أو للاستهلاك الإنتاجي في الصناعة والزراعة.
هذا "الربا" هو جوهر النشاط المصرفي الرأسمالي؛ وليس من نشاط مصرفي إسلامي يمكن أن يختلف من حيث الجوهر، وفي مستهل القرن الحادي والعشرين على وجه الخصوص، عن النشاط المصرفي الرأسمالي.
إنَّ "النظام الاقتصادي الإسلامي" هو لبوس أخلاقي ديني يمكن أن يلبسه كل نظام اقتصادي يقوم على الملكية الخاصة لوسائل إنتاج المنتوجات.
bazkaj- مشرف
رد: الاقتصادية الإسلامية في حقيقتها الموضوعية
بارك الله فيك وجزاك خيرا
نحن في انتظالر مزيدكم انشاء الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
نحن في انتظالر مزيدكم انشاء الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
طالبة المغفرة- مشرفة
رد: الاقتصادية الإسلامية في حقيقتها الموضوعية
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
بارك الله فيك وجزاك خيرا نحن في انتظالر مزيدكم انشاء الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] |
بارك الله فيك وجزاك خيرا نحن في انتظالر مزيدكم انشاء الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] |
بارك الله فيك وجزاك خيرا
نحن في انتظار مزيدكم انشاء الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
نحن في انتظار مزيدكم انشاء الله
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
okht filah- مشرفة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد 24 يوليو 2011 - 4:00 من طرف حسن محمد العربى
» صور اسلاميه متنوعه
الأحد 24 يوليو 2011 - 3:49 من طرف حسن محمد العربى
» ساويرس يستهزئ بالاسلام .. أين الإعلام الليبرالي؟!!
الجمعة 1 يوليو 2011 - 23:41 من طرف ابو مريم ومعاذ
» الدولة المدنية بمنظور الإسلاميين للشيخ عبد المنعم الشحات
الخميس 30 يونيو 2011 - 18:02 من طرف ابو مريم ومعاذ
» لماذا ذكر في سورة الرحمن : (عَلَّمَ الْقُرْآنَ) قبل (خَلَقَ الْإِنسَانَ)
الخميس 30 يونيو 2011 - 3:45 من طرف مشاعر صادقة
» لأنــك مـلـكـة للدكتور حازم شومان
الأربعاء 29 يونيو 2011 - 18:36 من طرف ابو مريم ومعاذ
» التأهب للقاء الله للشيخ محمد حسين يعقوب
الإثنين 27 يونيو 2011 - 15:54 من طرف ابو مريم ومعاذ
» نريد مصر دولة مدنية ولكن ..!!
السبت 25 يونيو 2011 - 19:42 من طرف ابو مريم ومعاذ
» الرد على كل من يقول الدين ليس له دخل في السياسة!!!!!
الخميس 23 يونيو 2011 - 5:32 من طرف ابو مريم ومعاذ
» قناة الحكمة في رقبتنا ارجو الدخول والتفاعل و النشر مهم جدا جدا جدا
الخميس 23 يونيو 2011 - 5:31 من طرف ابو مريم ومعاذ
» قصص من السلف الصالح؟؟؟ ارجو الدخول للعبرة سارع بالنشر
الخميس 23 يونيو 2011 - 5:30 من طرف ابو مريم ومعاذ
» معلشي يا شعب مصر مش هيا دي العمارة !!!!!
الأربعاء 22 يونيو 2011 - 3:26 من طرف ابو مريم ومعاذ
» سوريا تستغيث .......فهل من مجيب؟؟؟؟؟
الثلاثاء 21 يونيو 2011 - 4:23 من طرف ابو مريم ومعاذ
» الشيخ الحويني يطالب بإقالة يحي الجمل
الإثنين 20 يونيو 2011 - 1:05 من طرف ابو مريم ومعاذ
» كل ما يخص سامسونج سبيكا i5700 .... تجده هنا
الإثنين 13 يونيو 2011 - 22:26 من طرف المدير